الأميركيون يعتبرون نيويورك، مدينتهم العالمية، عاصمة العالم. وقد صدقوا، فسكان هذه المدينة العجيبة الثمانية ملايين نسمة، يتحدثون 581 لغة مختلفة، وتشكل اللغة الأسبانية اللغة الثانية في نيويورك كما في الولايات المتحدة بأكملها. هذه المدينة كانت ولا تزال مقصد المهاجرين منذ قرون. ووقوع نيويورك على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، جعلها البوابة الحقيقية لأميركا.
ويسكن نيويورك حالياً 3.4 ملايين شخص ولدوا خارج الولايات المتحدة، ما يعني أن نحو 81 في المائة من سكانها من المهاجرين من الجيل الأول. كان المهاجرون الأوائل قدموا إلى نيويورك فارين من ديارهم بحثاً عن الحرية السياسية أو الدينية، لكنهم اليوم يبحثون عن المال والعمل.
لكن المدينة الصاخبة بالبشر والمال والتعددية، تعطلت طيلة الأيام الماضية، وأصابها شلل عجيب بسبب إضراب عمال قطارات الأنفاق والباصات الذين يحتجون على عدم زيادة أجورهم!
وأصدر قاض حكماً يفرض غرامة قدرها مليون دولار يوميا على اتحاد نقابات المواصلات الرئيسي في نيويوك بسبب الاضراب الذي أدى إلى توقف الحركة في المدينة.
وقضى الملايين من سكان مدينة نيويورك الأمريكية يومهم دون التمكن من ان يستقلوا وسائل النقل العام بسبب امتناع 43 ألف عامل في قطاع النقل عن العمل.
رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج، انضم الى الآلاف من السكان الذين قصدوا عملهم سيراً على الأقدام في البرد القارص، وهو قال إن التوقعات تشير الى وصول كلفة الإضراب الى 004 مليون دولار يوميا.
واستأجر مستشفى كبير يقع في الأدوار السفلى من بناية تضم فندقاً، غرف الفندق لصالح الأطباء والممرضين والعاملين في المستشفى، الذين أصبحت مهمة الوصول من بيوتهم الى المستشفى مستحيلة في الوقت المناسب مع الإضراب.
وبالرغم من المعاناة الفائقة في السير طويلاً خلال درجة حرارة دائماً ما تكون تحت الصفر في هذا الوقت، إلا أن سيدة طغت رؤيتها للجانب الإيجابي للموضوع عندما قالت: «إنها المرة الاولى التي أذهب فيها الى عملي من طريق يقع فوق الارض وهذا أمر جميل».
النظر إلى الأمور بإيجابية في نيويورك، يأخذ أبعاداً يراها معظمنا غير مناسبة، وبالذات إذا ما تذكرنا أن صرعات سكان هذه المدينة ليس لها حدود، منها أنها مركز لجماعة العراة المثليين، وهؤلاء قرروا في فبراير الماضي أن يحتفلوا بنشاطهم الرئيس في مطعم رئيس في مانهاتن، فواجهوا برد شباط عند وصولهم المطعم بخلع المعاطف والقبعات والقفازات والاوشحة. لكنهم لم يتوقفوا عند ذلك الحد، فقد انتهى الامر بالتنورات والقمصان والسراويل والملابس الداخلية والجوارب أن تكدست في اكياس بلاستيكية بجوار ركن المشروبات مع تعري الزبائن من اجل «عشاء الملابس اختيارية» الذي يقام شهريا. وقد غطيت نوافذ المطعم لحماية الخصوصية، وأديرت المدافيء لتوفر دفئاً للعراة!
وقد دافع عن هذا السلوك الغريب صاحب المطعم جون بوسي قائلاً: «إنهم من طبقة جيدة من الناس… انهم لا يختلفون عنك ولا عني، انهم لا يؤذون احداً، انه ليس حفل عربدة رومانية جامحة»!