من يصدق أن شبابنا قرر أن تكون معركته مع الجن! فقد طغت على السطح السعودي حوادث “الجن” في مناطق متعددة. شباب يبحثون عن الجن، يحرقون ويركضون يريدون الاقتصاص من الجن. ومع أننا جميعا نؤمن بالجن الذين ذكرهم الله في كتابه، غير أن ما أنتقده هذه الهستيريا المثيرة للضحك والغرابة من قبل الشباب.
في السابق كانت البيوت التي تهجر تسمع فيها أصوات، ذلك أن شدة الصمت تخيّل للإنسان بعض الأصوات، لم يكن هناك غسالات ولا مكيفات ولا أجهزة كهربائية، كانت أصوات البيوت تسمع أحيانا. لكن ومع اتساع المدينة وصخبها اختفت البيوت التي توصف بأنها “مسكونة” لأننا اكتشفنا أن الذي حدث مجرد هدوء عال، وأصوات الرياح وهي تمخر عباب النوافذ المشرعة، وليس بالضرورة سكنٌ من الجن!
أتعجب من انشغال الشباب بالجن بهذا الحماس، ولا أدري كيف يمكنهم أن يبحثوا عن الجن؟! وحين يحرقون المباني التي يقال إنها مسكونةً بالجن هل يريدونها حربا أهلية؟! هل هي حرب بين الإنس والجن؟! بين شباب الجن وبين شباب الإنس؟! علما أن القرآن نفسه قال: “إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم”! هل هي مضاربة؟! أم أن الفراغ القاتل قادهم إلى هذه “الهوشة”؟!
من العجيب أن يتفنن الشباب بالانشغال بالجن!
أتمنى من الأكاديميين دراسة الفائدة التي جناها المجتمع من الجن. منذ القاضي الذي سرق وأكل و”لهط” ثم تذرع بالمس من الجن، إلى المباني التي تسحق الآن باسم الجن، إلى الراسبين بالامتحانات الذين يقولون إننا ظلمنا بسبب الجن! إلى جرائم الإحراق والتي تقيّد ضد جني! سيكتشف الأكاديمي أن الجرائم التي حدثت في السعودية من الجن، وأن تنظيم القاعدة مدعوم من الجن، ثم سندخل في حرب شاملة لمواجهة الجن، ونستطيع حينها أن نقول إننا من الأطهار، وسيكتشف الأكاديمي الذي سيبحث قصة الجن أن الشعب كله خير، وأنه ما من جريمة وقعت إلا بتفريط جني، أو تورطه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: “شرّ البلية ما يضحك”، بينما تنشغل الأمم بالمفيد من العمل، نرى الشباب يتهافتون إما على التفحيط أو ملاحقة الجن بالسيارات! أين الاهتمامات الكبيرة؟! أين العمل والإنجاز! هل نحن أمام جيل متكاسل يمكننا أن نطلق عليه “ضحايا حافز” وماذا لو تأخر نزول مكافأة حافز هل ستحرق البنوك لأن الجنّ أخرت نزول المكافآت؟!