الطفولة هي البراءة الأساسية لأي بيتٍ ومجتمع. والتعذيب الذي نشاهده تجاه الأطفال لا يعبر إلا عن وحشيةٍ خطيرة تسكن البعض. عذابات يتلقّاها الأطفال كل يوم، وضرب للجماجم، وسلخ، بسبب محاكمة الكبار للأطفال على أساس عقولهم هم. التربية شيء والضرب والتعذيب شيء آخر، ولا أحزن إلا حينما أرى الأب وقد اتفق مع زوجته الثانية – وهذه أحداثها كثيرة – على ضرب الطفل أو الطفلة، انتقاماً من الزوجة الأولى، حيث توضع الساحات الخاصة بالضرب والملاحقة والتعذيب، وربما تعمدوا إسماع الأم صوت الطفل وهو يعذب انتقاماً وتعذيباً لها، وهذه مصيبة أن تنتشر مثل هذه الحالات في مجتمع الفضيلة، والدعوة إلى الأخلاق!
أعجبني كثيراً نشاط المديرة التنفيذية لبرنامج الأمان الأسري الوطني، المستشارة غير المتفرغة في مجلس الشورى الدكتورة مها المنيف، ذلك أنَّ السجل الوطني الذي أطلقه برنامج الأمان الأسري رصد أكثر من ألف حالة إساءة معاملة للأطفال منذ الشروع في إدخال البيانات فيه كما تقول المنيف. والأهم من ذلك إطلاق خط مساندة الطفل وهو خط هاتفي متوافر على مدار الساعة يقدم خدمات الرعاية والحماية للطفولة في المملكة عبر رقم هاتفي مجاني وموحد (116111) لخدمة الأطفال من سن 0 إلى 18 سنة.
تقول المنيف: “إن المكالمات التي تم تلقيها ونوعيتها، أشارت إلى أن متوسط المكالمات الواردة خلال الشهر تقريبا 400 مكالمة شهريا. لحالات الإساءة والعنف الصحة النفسية والجسدية والافتقاد للحاجات الأساسية واستخدام الطفل للكحول والمواد المخدرة والصحة الجسدية والمشكلات الجنسية والاستغلال التجاري”!!
هذا العمل على الرغم من كونه بدأ حديثاً غير أنه بداية لحل الكارثة. أطفال يزج بهم في غياهب العذاب! من قبل أولياء أمورٍ لم يكونوا إلا مقصرين لأمانة الأبوة والأمومة، هؤلاء يجب أن تسحب منهم نعمة الأطفال ويؤخذوا إلى من يرعاهم ويهتم بهم بعيداً عنهم.
قال أبو عبدالله غفر الله له: الطفولة يجب أن تكون آمنة مصانة، لا يمكن المساس بها، وأن تحترم وتقدر، فالمجتمع الذي يعذب الأطفال ليس مجتمعاً إنسانياً بتاتاً، وآمل أن لا تتحول الأحداث الصغيرة إلى ظواهر، وأن يتوقف الآباء والأمهات والزوجات عن الضرب والسلخ، والتعذيب الخطير. الطفولة هي وجه المجتمع البريء فلا تشوهوه بالعصي والهراوات رجاءً.