التشجيع الرياضي أو الانتماء الوجداني لفريق لا يجب أن ينسينا ذاتيتنا. التعامل مع الفريق على أنه قبيلة أو انتماء يشبه الانتماء الديني أو العرقي هو الذي يذهب طعم الرياضة. المباراة تكون ممتعة وتحمل الكثير من الهجمات الرائعة أو الحركات الفنية، نسعد بفوز الفريق الذي نحب ولكن لا يجب أن نكتئب ونحزن مع الهزيمة، لأن اللاعبين عادة لا يحفلون بحزن المشجعين، ولا يعبأون له في الغالب، إن لعبوا بمستوياتٍ عالية فسيأخذون مكافأةً مجزيةً لن يشركوك فيها، وإن هزموا فإن لديهم مبرراتهم وحساباتهم التي لن تكون بالضرورة طرفاً فيها. فالرياضة بالنهاية عمل واحتراف. اللاعب الذي تشجعه الآن، قد تراه في ملابس الفريق المنافس في فترةٍ لاحقة. فلنأخذ التشجيع بشكل عقلاني من أجلنا قبل أن يكون ذلك من أجل غيرنا.
إذا قدر لك مشاهدة مباراة في مقهى فإن البشر اعتادوا على تقليدٍ واحد في المتابعة، الصراخ والعويل، ولا تنس الكلمات النابية وأقساها تخرج من الأفواه هنا وهناك، مع أن المباراة شيء جميل يمكن أن نستمتع به مستعينين على ذلك بالكثير من التذوق والقليل من الحماس. البعض يصرخ بأعلى صوته، ويشتم الحكم والجماهير واللاعبين، تتساءل لماذا؟! هل هذه هي المتعة الرياضية؟! والشباب يتوارثون هذا السلوك، وهو لا يخصنا وحدنا بل هو سلوك متبع في الأماكن العامة بمختلف أنحاء العالم، لكنه في نظري يذهب جمال المباراة، ويجعلها مجرد حفلة للشتائم وقاذفات الألفاظ!
ثم إننا نكرر كثيراً كلمة: “روح رياضية”، لكننا لا نلبث أن نتجاوز هذه الروح الرياضية ونصل إلى الروح الشتائمية. المباراة أيها السادة مثل المسرحية، مثل الفيلم، مثل الرواية، لها مذاق وطعم، وإذا حصرناها بعويل وألم ما بعد الفوز والخسارة نخسر أول ما نخسر، المتعة، واحترام الذات. يمكننا – لو كانت لدينا روح رياضية حقيقية – أن نستمتع أحياناً بلعب الفريق الخصم، أو أن نعترف بقدرات اللاعبين فيه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: آمل أن نجرب في أقرب مباراة تغيير سلوكياتنا أثناء المتابعة، حين ننهزم نتذكر الهجمات الجميلة التي تضمنتها المباراة، نثني على الفريق الخصم وأدائه، نقلل من اتهام حكام المباريات ونبزهم بالفساد أو الرشوة. لنجرب التشجيع بهدوء مع الكثير من تذوق المباراة والقليل من الحماس، سنكتشف أن مشاهد فنية جميلة تفوتنا بسبب الحماس الزائد الذي يجعلنا نحصر المباراة بأسوأ الذكريات فيها عند الخسارة.
الرياضة أكبر من هذا بكثير، وخاصة حين يتعلق الأمر بلعبة معشوقة مثل: “كرة القدم”.