يـُقال إن كثيرا من المُسنّين، وغير المسنين أحياناً، كانوا إلى فترة قريبة، وبعضهم لا يزال إلى الآن، لا يعرفون بأي صفّ يدرس أبناؤهم. يتباهى الرجل ” بتفريخ ” جيش من الأبناء من دون أن يعرف الكثير عنهم، باستثناء أنهم يكثّرون سواد المسلمين، دون أن يلتفت إلى أنهم يزيدون البلد بالإرهاق والضغط على الكهرباء والخدمات!
الأب السعودي المعاصر لا يحفظ تواريخ ميلاد أبنائه، فضلاً عن أن يقوم بحفلات تتزامن مع أيام ميلادهم. لأن الاحتفال بعيد الميلاد وسيلة للتحايل على الأيام لإيجاد مناسبة للفرح. هذا هو عيد الميلاد. وهو أمر بريء تماماً. والشيخ سلمان العودة سمعتُ له مقاطع كثيرة يبيح فيها الاحتفال بعيد الميلاد. ولا يرى في الاحتفال جريمة أو جريرة. وقد عدّ بعضهم هذه الفتوى فتحاً، لأننا أمضينا دهراً من منع كل شيء بما فيه هذه المناسبة!
ما قيمة الحياة من دون مناسبات فرح؟!
قرأنا قبل أيام في جريدة ” الوطن ” الخبر الذي يكشف عن عدم حفظ السعوديين لتواريخ ميلاد أبنائهم ناهيك عن زوجاتهم. يقول الخبر: “أظهرت جولة الأيام الأربعة الأولى للتعداد أن السعوديين لا يحفظون تواريخ ميلاد زوجاتهم ولا تواريخ ميلاد أولادهم على النقيض من غير السعوديين … غير السعوديين يذكرون تواريخ ميلاد الأسرة غيبا دون الحاجة إلى الرجوع للإقامة أو الجواز، في حين لا يحفظ السعوديون تاريخ ميلاد الزوجة والأبناء ويعتمدون اعتمادا كبيرا على دفتر العائلة لمعرفة ذلك”.
قلتُ: لحى الله زمان “التابعيّة” ، ذلك الكتيب الأخضر المليء بالصور والتواريخ والأحبار. أما اليوم حتى دفتر العائلة لا يـُساعد الرجال بشواربهم المفتولة على تذكر تواريخ عائلتهم.
اللافت أن السعوديات أكثر حفظاً لميلاد أبنائهنّ من الرجال. يقول أحد موظفي التعداد: “كثيرا من السعوديات ، على النقيض من رجـالهن ، يحفظن تواريخ مـيلاد أبنائهن بصورة كبـيرة، فقد صادف أن أحصى 3 أسر تمكنت الزوجة من إعطاء التواريخ حفظـا ، نظـرا لعدم وجود دفتر العائلة”.
قال أبو عبد الله غفر الله له: في وقت لا نكاد نـُفرّق بين مناسبات الزواج والعزاء لفرط التشابه، ولجامع الحزن بينها، في وقتٍ نـُحارب لحظات الفرح ومناسبات الأنس، ويـُواجهُ فيه الذين يفرحون، أو يأنسون في مناسباتهم أو مناسبات من يحبّون. آن الأوان أن نعترف بأننا نحتاج إلى تحايل على الأيام لإيجاد مبرر للفرح، ولو بأعياد الميلاد، أو غيرها من المناسبات، ، فالفرح صناعة مثل كثير من الأشياء.
الاحتفال بالمناسبات، يـُجدّد الحياة في العلاقات، ويتيح للمحتفلين الغـَرْف من نهر الحب وعذوبة الفرح.
أن نجد وقتاً للفرح يعني أن نجد وقتاً للحياة.
افرحوا حتى وإن أثبتت جولات التعداد السكاني أنكم لا تحفظون تواريخ ميلاد أبنائكم. آن أوان الفرح.