لو سألت أحداً… أي أحدٍ : ما رأيك في الخداع؟!
لأجابك على الفور بأنه خلق اللئام، ولربما قال فيه ما لم يقله مالك في الخمر…
لكنك ترى كل يوم من يمارس الخداع…
هل قابلت يوماً أحداً يثني على -على سبيل المثال- على الكذب، ويعدد مزاياه، ويردد خصاله وفوائده؟!
أعتقد أن مقابلة هؤلاء على مر العصور أندر من الكبريت الأحمر، وبخاصة إذا كان الحديث جاداً، بعيداً عن السخرية، أو ما نسميه بالمحلية السعودية«العيارة».
الناس مطبقون على سوء الكذب، وأنه من أسوء الخصال، وأقبح الأفعال…
لكن، كم من الكذابين نقابل كل يوم؟!
نحن نقابل الكثيرين منهم، فهناك من يحترف الكذب، وهناك من يمارسه على سبيل الهواية الأصلية، وفريق ثالث يمارسه كهاوٍ مبتدئ.
الذين يتعاطون مع الكذب -إن باحتراف أو بهواية- ربما لعنوا الكذب في جملة وذيلوا ذات الجملة ونفس العبارة بكذبة كبيرة. ليس لأنهم يتعمدون رفض الكذب ويفعلونه قصداً، بل ربما لأنهم اعتادوا على هذه المممارسة، دون أن يتنبهوا إلى سوئها وتناقضها!
فئة واحدة هي التي تتحرر سريعاً من الوقوع في حبائل هكذا مأزق… هي تلك الفئة التي تديم مراجعة النفس، لتتأكد من أنها لا تمارس في المساء ما تنهى عنه في الصباح. أتتأكد أنها لا تنتقد الناس على سلوك وتعاقر ذات السلوك دون أن تدري…
إن دوام المراجعة للأفكار التي نتبناها والسلوك الذي نمارسه، كفيل بتحريرنا من التناقض، ومظنة للتأكد من صواب الطريق الذي نسير فيه، قبل أن نوغل في السير في طريق لا نريد سلوكه، ثم يمنعنا السير فيه بعيداً، لا عن العودة، بل عن التنبه إلى أن طريقنا ليست هي الطريق التي نبغي، ووجهتنا ليست هي الغاية التي نريد.