من أكبر المشاكل التي تواجهنا تنموياً حالة تأخر المشاريع. وأظنها من الظواهر الحديثة التي تحتاج إلى تدخل سريع. عشرات المشاريع تعاني من التعثر والتأخر، إنها المشاريع التي لم تظهر، ولم يعرف بعد مصيرها. تحتاج هذه المعضلة إلى المساءلة الجدية، هناك مصروفات ضخمة على مشاريع لم تبدأ أساساً، بينما هناك تضخم في الاحتياجات لدى المدن، والأمناء يعلمون أن الصرف الذي يأتي من وزارة المالية لا يغطي الاحتياجات.
ولأضرب مثلاً بالدمام التي قال أمينها ضيف الله العتيبي لـ”الوطن” قبل أيام: “ما زلنا بحاجة إلى تطوير طرق ومخططات وتنمية المنطقة عمرانياً، ولدى الأمانة برنامج لتطوير الحاضرة، وتم تسليم الاحتياجات إلى وزارة المالية، التي اعتمدت ملياري ريال فقط لكافة الجهات الحكومية سنوياً، فيما تتولى لجنة وزارية مشكلة لمناقشة توزيع هذين المليارين بنسب متفاوتة حسب الحاجة للجهات الخدمية، لتوزيع ما تم تخصيصه على المشاريع، في حين أن تطوير مخططات الدمام السكنية وحدها بحاجة لأكثر من ملياري ريال، فيما تحتاج المخططات السكنية في العزيزية بالخبر لأكثر من 500 مليون ريال لإتمام أعمال التطوير، مما يبين كثرة احتياجات مدن حاضرة الدمام”.
هذه هي الاحتياجات لمدينةٍ أساسية من مدن المملكة، بينما هناك مليارات تصرف على حدائق لم تبن بعد، وعلى مشاريع غير معروفة. وهل نحتاج أن نكرر دائماً استغراب الملك نفسه حين سأل: “هناك مشاريع ما بيّنت”؟!
أظنّ أن الحل يبدأ من الإيمان بالمشكلة وتصديقها، لأن كل الذي يجري الآن هو تغافل عن المشاريع النائمة التي لم تستيقظ حتى الآن! ويبدأ الحل بتشكيل مؤسسات عليا من وزراء ومتخصصين وخبراء لدراسة وملاحقة المشاريع والتفكير في مصائرها. وأين هي المشكلة؟! هل هي في وزارة المالية؟ أم في الشركات التي اعتمدت؟! حين نؤمن بهذه المشكلة العصيبة نستطيع أن نجد حلاً لها!
قال أبو عبدالله غفر الله له: وليس عيباً أن نصدّق بوجود فساد، بدليل وجود هيئة لمكافحته، فالهيئة لم تنشأ لمحاربة أمرٍ غير موجودٍ أصلاً، بل الفساد قائم وله عصاباته. ولا نشك في أن تعثر المشاريع له أسباب عديدة الفساد ليس مستبعداً منها، وأعان الله المناطق “الدمام” وغيرها حيث لا مخصصاتٍ تكفي، ولا ميزانياتٍ تصرف، ولا تسألوا عن أزمات المواطنين وعلى رأسها الإسكان.