الأسبوع الماضي، كنت في موقع لا أحسد عليه. كنتُ بين المطرقة والسندان. منذ ثلاث سنوات وأنا أتشرف بالعمل مع مؤسسة رائدة، هي مؤسسة الملك خالد الخيرية، من خلال إدارتي للحوارات التنموية التي تقيمها المؤسسة كل عام، وتختار لها موضوعا حيويا له انعكاساته على الداخل السعودي، وقد تقرر هذا العام أن يكون موضوع الشباب هو الموضوع الرئيس للحوارات.
أقامت المؤسسة ثماني ورش عمل، في الرياض، وجدة، والمنطقة الشرقية، وحائل، وأبها، شارك فيها نحو 340 شابا وشابة، طرحوا همومهم، وآمالهم، وطموحاتهم. كان لافتا أن أحد الأسئلة التي طرحت على بعض ورشات العمل، التي كانت العصف الذهني لكل النقاط المطروحة في الحوارات التنموية في موسمها الثالث، ماذا تحلم لبلادك في المستقبل؟ وماذا تحلم لنفسك في بلادك في المستقبل؟! واللافت، أن أحدا من الشباب الحاضرين لتلك الورشة لم يستطع أن يجيب على السؤال!
التأمل فيما سبق يجعلنا نستغرب، هل المشكلة في واقعيتنا المتناهية، أم المشكلة في انشغالنا بهمومنا اليومية، لدرجة عدم توفر الوقت للتفكير بالأحلام، أم أن السبب أن ثقافة الأحلام ليست ضمن مفرداتنا، أم أننا لا نحفل بالمستقبل كثيرا؟! وأيا كانت الإجابة الحقيقية، فهي مؤلمة حقا!
في الحوارات تسلح الشباب ذكورا وإناثا بالكثير من الأسئلة، ومن المؤسف أن أقول أيضا وبالكثير من الإحباط، وتسرب إليهم الإحساس بالتهميش في بلدهم الذي يشكلون وفقا للإحصائيات أكثر من ثلثي سكانه،(69% من السعوديين تحت عمر 30 سنة). كان صانعو القرار الذين حضروا لمنصة الحوار ليتلقفوا أسئلة الشباب وهمومهم وطموحاتهم وغضبهم وسهامهم أحيانا، على مدى خمس ساعات متواصلة، هم: وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، ووزير العمل المهندس عادل فقيه، والأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل المعمر، ونائب رئيس مجموعة البنوي الصناعية، وليد البنوي، ممثلا للقطاع الخاص، والمدير التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للشباب بوزارة الاقتصاد والتخطيط الدكتور صالح النصار.
أشار الوزيران والأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بعد سماع مداخلات الشباب المتحمسة والمليئة بالحيوية، والإحباط، في ذات الوقت، إلى وجود أزمة ثقة بين الشباب والمسؤولين، وأننا لا يمكن أن ننجح في صناعة وطن يليق بنا إذا لم نردم فجوة الثقة الضعيفة. الأمر أيها السيدات والسادة، ليس سهلا، ولا هو بالأمر الهين، ولا يمكن أن يتم تصنيف القصة على أنها أزمة شباب متحمس فحسب، بل يجب أن يكون الوطن بمؤسساته الحكومية أولا ثم الخاصة، قادرا على استيعاب الشباب، وتسكين فورتهم، والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم، وإلا فسنندب حظنا يوما، ونرجو ألا يكون ذلك اليوم.