ما من شك أن العمل والإنتاج هو الذي يصنع فرقا في الحياة. بعض النساء يرغبن في العمل، وبعضهن الآخر يفضلن البقاء في البيت والاهتمام بالأولاد نظرا للكفاية المادية، أو تغليب الخيار الشخصي البعيد عن العمل وأجوائه. ورغبة بعض النساء البقاء في البيوت لا يلغي حق الأخريات بالعمل. مثلا حين تسمح قيادة المرأة للسيارة فليس شرطا أن ينقرض السائقون، بل يبقى حق القيادة قائما وحق المرأة في ألا تقود قائما، أيضا الخيارات لا تلغي الحقوق بل تضع الناس سواسية أمام ما يرغبونه وما لا يرغبونه.
الإحصائيات التي تتحدث عن بطالة المرأة في السعودية لا تزال صادمة، في ورشة بالغرفة التجارية بجدة قال الدكتور فهد التخيفي وكيل وزارة العمل المساعد للتخطيط: “إن هناك 1.6 مليون امرأة قدمن سيرا ذاتية مكتملة لوزارة العمل من مختلف مدن ومحافظات المملكة وتؤكد الإحصاءات أن من بين المتقدمات نحو 78 يحملن مؤهلات دكتوراه وزمالة، بينما بلغ عدد متقدمات حملة الماجستير نحو 2250، في حين تفوق أعداد المتقدمات ممن يحملن مؤهل دبلوم عاليا 11 ألف متقدمة، فيما بلغ عدد الراغبات في العمل من حملة البكالوريوس ما يربو على 385 ألف متقدمة”!
البعض يستخدم المنطق المعوجّ الذي يقول: “ليجد الرجال وظائف أولا ثم نلتفت للنساء” كما هو منطق رفض الشراكة بين الرجل والمرأة في الحقوق والخيارات. المرأة تحتاج العمل، مثلها مثل الرجل، فهي تبحث عن مال وعن رزق ودخل ثابت، فمتطلبات الحياة تحتم عليها العمل والإنجاز. المصيبة أن المؤهلات موجودة، وأن القطاع الخاص أصلا لا يرحب بالمرأة من حيث المبدأ، ذلك أن مشاركتها ضعيفة. جزء من مشكلة المجتمع بطالة الرجل والمرأة، والحديث عن بطالة تنتشر بين النساء هو من صالح النسيج الاجتماعي.
قال أبو عبدالله غفر الله له: العمل والكفاف يشجع على محاسن الأخلاق والسلوكيات، فالمجتمعات العاملة تهذبها الأعمال، والخاملة تزداد بين أهلها العداوات والسلوكيات السيئة. المرأة التي يحاول البعض أن يغلق عليها كل الأبواب لا بد أن تعمل حتى لا يقول – نفس أولئك البعض – أن الفساد انتشر والرذيلة انتشرت، فلا هو الذي منح المرأة حرية العمل، ولا بالذي راجع نفسه على أخطائه تجاهها. ويبقى الأمل كبيرا رغم غصة البطالة الطويلة!