تركي الدخيل
كان الأسبوع الماضي حافلا بنقاش صاخب حول المقابلات التي بثتها mbc مع بعض الموقوفين أمنيا في قضايا التكفير والإرهاب، بينه حديث أناس، عن صدق بعض الموقوفين في آرائهم، ومواقفهم، التي أدلوا بها، وهو ما بنى عليه أولئك تقييمهم للموقوفين!إن التسليم بالصدق، سواء كان صدقا مع الله، أو صدقا مع الناس، رغم قرب النوعين من بعضهما، لا يعني بالضرورة، أن الصادق في موقفه، يتصرف تصرفا صائبا، فالكثير من الصادقين، يرتكبون الأخطاء، على أن هذا لا يقلل من قيمة الصدق، إلا أنه لا يعني تلازم الصدق مع الخطأ، كما أنه لا يقتضي ارتباط الزيف بالصواب من باب أولى!إن الصدق في الموقف، النابع من الصدق مع النفس، على نزاهته، وطهوريته، غير أنه لا يقود بمقتضى هذه الطهورية، للعمل الصحيح، فليس كل صادق مصيب.لقد تبين أن كثيرا من الموقوفين، وخصوصا الذين يكفرون بالجملة، يواجهون إشكالية حقيقية، هي أن المفاهيم التي تعلموها من كتب المتقدمين ورؤاهم، لم تستطع مواكبة التجديد في الحياة، والتسارع في المعيشة، والتقادم في الأنماط السلوكية الإنسانية، فبقي هؤلاء، أسرى للنظرية القديمة، التي توقفت عجلتها، بينما عجلة الحياة سريعةٌ سرعة البرق.ومع أن من نافلة القول، التأكيد على أن عظمة الإسلام، الذي اختصه الله ليكون خاتما للأديان، يكمن الكثير منها، في أن هذا الدين صالح لكل زمان ومكان، بقدرته على تطوير آلياته، ومواكبة الزمن، ومسايرة العصر، بما لا يهز أركان الدين ولا ينقض ثوابته.بعض المكفرين للأشخاص، والدول، والمجتمعات، صادقون في نواياهم، لكن الكثير منهم بتكفيره هذا مخطئ خطأ كبيرا؛ ولأن التكفير، ليس رأيا فحسب، بل يبنى عليه أحكام كثيرة وخطيرة، فلا يمكن التعاطي معه على اعتباره رأيا قابلا للقبول والرفض، فثمة من يكفر، وثمة من يفجر ويقتل بناء على تكفير الأول، وهنا خراب الديار!